تركيب جزىء البنزين
سيتم شرح كيفية التوصل الى التركيب البنائي النهائي للبنزين عير النقاط الأتية كما يلي:
(1) اقتراح ككيولي
- لقد اقترح العالم ككيولي (۱۸٦٥م) أن البنزين عبارة عن حلقة سداسية الأضلاع تتكون من ست ذرات كربون وست ذرات هيدروجين كل واحدة من ذرات الهيدروجين متصلة بذرة كربون.
- واقترح كذلك أن البنزين يحتوى على ثلاث روابط مضاعفة لكي تنطبق القاعدة التي تنص على أن الكربون رباعي التكافؤ.
- وأن تلك الروابط المضاعفة تتحرك إلى الأمام وإلى الخلف بشكل سريع كي تكون الأشكال الآتية التي لايمكن فصلها.
- هذا الاقتراح يفسر الحقيقة التي تنص على وجود مركب واحد فقط لبرومو بنزين أي أنه لا يوجد متشابهات أخرى كما أنه يوجد ثلاثة متشابهات فقط لثنائي برومو بنزين وهذا دليل على أن جميع ذرات الهيدروجين الستة متكافئة.
- بالرغم من أن اقتراح ككيولي منسجم مع كثير من نتائج التجارب الخاصة بالبنزين إلا أنه لم يحل المشكلة بشكل نهائي فيما يتعلق بالثبات الكيميائي غير العادي للبنزين مقارنة بالأوليفينات.
- فإذا كان البنزين يحتوي على ثلاث روابط مضاعفة كما اقترح ككيولي، فإنه يجب أن يتفاعل مع البروم (Br2) كما لو كان أوليفين ولكن في الواقع نجد أن البنزين إلى حد ما خامل تجاه البروم. لذلك فإن البنزين لا يمكن أن يكون لديه ثلاث روابط مضاعفة كما هو مقترح.
(2) التأرجح (الطنين) في حلقة البنزين
- تنص نظرية التأرجح على أنه كلما أمكن تمثيل مادة بشكلين (أو اكثر متكافئين أو قريبين للتكافؤ في التركيب ومختلفين فقط في موقع الكترونات التكافؤ دون المساس بهيكل المجموعة، فإن الجزىء الأصلي الأشكال لا يمثل أياً منهما، ولكن عبارة عن هجين تأرجحي الجميع التأرجحية».
- وبالرجوع إلى جزىء البنزين فإن الشكلين السابقين لجزىء البنزين لا يمثلان الجزىء ولكن الشكل الحقيقي لجزىء البنزين عبارة عن هجين تأرجحي من هذين الشكلين.
- وبناء على أنه هجين فإن الروابط في كلا الشكلين تكون متساوية.
- ولقد ثبت من القياسات الفيزيائية أن طول كل رابطة هو 1.40 أنجستروم وهذه قيمة عددية متوسطة بين القيمة العددية التي تخص الرابطة الأحادية (1.54 أنجستروم) وبين القيمة التي الرابطة الثنائية (1.34 أنجستروم).
- نجد أن الشكل التأرجحي السابق أكثر استقراراً من أشكال ككيولي السابقة، بمعنى آخر أن الثبات الناشيء من التأرجح كبير لدرجة أن روابط الباي (π) (الروابط الثنائية) للجزيء تقاوم الكسر على عكس ماهو موجود في الأوليفينات.
- يجب أن لا يفوتنا أن شرط حدوث التأرجح في أي جزىء هو وجود روابط ثنائية في حالة متناوبة، بمعنى آخر وجود رابطة ثنائية يليها رابطة أحادية ورابطة ثنائية وهكذا كما هو الحال في جزىء البنزين.
(3) المدارات الجزيئية
- المدارات الجزئية لجزىء البنزين تعطي صورة أوضح للرابطة المضاعفة في جزىء البنزين نجد أن ذرات حلقة البنزين تقع في مستوى واحد وأنها مرتبطة مع بعضها على هيئة مسدس متساوى الأضلاع زوايا (120o) بها كل الروابط الست بين ذرات الكربون بنفس الطول (1.40 ) أنجستروم وكل ذرة كربون مرتبطة بذرة هيدروجين، ولمثل هذا النوع من الروابط كل ذرة كربون يكون لديها مدارات من نوع sp2.
- ذرات الكربون الست مرتبطة مع بعضها البعض بشكل سداسي بروابط أحادية تتكون بتداخل مدارات من نوع sp2 وكل ذرة كربون مرتبطة بذرة هيدروجين برابطة سيجما Sigma bond ناتجة من التداخل بين مدارات 1s و sp2
- بالإضافة إلى ذلك كل ذرة كربون تحتوي على مدار 2p يحتوي على الكترون واحد التداخل بين مدارات 2p الستة يكون ثلاث روابط بای وبسبب تماثل الجزىء، فإن كلاً من مدارات 2p يمكن أن يكون رابطة مع أى مدارات 2p في ذرتي الكربون المتجاورتين، أي أن مدارات باى تكون لا موضعية
- وبالتالي فإن كثافة الكترونات بای π -electrons تكون تماماً متماثلة حول حلقة البنزين مكونة سحابة الكترونية تمتد فوق وأسفل الحلقة وتؤدي إلى ثبات الجزىء واستقرار الحلقة.
- وبناء على ذلك فإن الروابط بين ذرات الكربون لا تأخذ أبعاد أطوال الرابطة الأحادية أو الثنائية وإنما تكون أبعاد أطوال وسطية بين القيمة التي تخص الرابطة الأحادية والثنائية كما سبق وأن أوردنا.
- والشكل التالي يوضح مدارات 2p وسحابة الكترونات باى لحلقة البنزين.
(4) طاقة التأرجح للبنزين
- يخضع البنزين والمركبات الأروماتية الأخرى لتفاعلات الاستبدال بدلاً من تفاعلات الإضافة نظراً لثبات الروابط الثنائية بسبب الكترونات باى اللاموضعية أو بمعنى آخر بسبب التأرجح.
- ولكي نوضح تلك الحقيقة نقارن بين الحرارة المتوقع انبعاثها لجزىء البنزين وفقاً لمباديء قياس كمية الحرارة وبين كمية الحرارة المنبعثة فعلاً بالتجربة والناتجة عن هدرجة جزىء البنزين.
- ومن المعروف أن هدرجة رابطة ثنائية معزولة في مركب ما مفتوح تؤدى إلى انبعاث حرارة قيمتها من 26.5 إلى 30 كيلو سعر حراري لكل مول.
- وتفيد التجربة أن مقدار الحرارة المنبعثة عند هدرجة السيكلوهكسين هي 28.6 كيلو سعر حراري لكل مول في حين أن الحرارة المنبعثة عند هدرجة السيكلوهكسادايتين هي 55.4 كيلو سعر حراري لكل مول وهذه قيمة مضاعفة لتلك القيمة الناتجة من الحرارة المنبعثة عند هدرجة السيكلوهكسين.
- ومن البديهي أن نتوقع أن حرارة هدرجة البنزين تساوي ثلاثة أمثال حرارة هدرجة السيكلوهكسين طالما أن حرارة هدرجة أي رابطة ثنائية تساوي 28.6 كيلو سعر حراري لكل مول.
- بمعنى آخر أن تكون الحرارة المنبعثة عند هدرجة البنزين تساوي 85.8 كيلو سعر حراري لكل مول، ولكن كمية حرارة هدرجة البنزين الناتجة من التجربة هي 49.8 كيلو سعر حراري لكل مول، أي أن هناك فارقاً كبيراً بين حرارة هدرجة مركب له ثلاث روابط ثنائية.
- كما هو الحال في المركب الافتراضي سيكلوهكساترايئين، وبين حرارة هدرجة البنزين يساوي 36 كيلو سعر حراري لكل مول، أي أن البنزين أقل طاقة بمقدار 36 كيلو سعر حراري لكل مول.
- وفارق الطاقة هذا هو المسئول عن ثبات حلقة البنزين. ولما كان هذا ناشئاً عن ظاهرة التأرجح على حلقة البنزين فإن فارق الطاقة يعرف بطاقة الثبات التأرجح.
- وبالتالي فإن الحلقة ذات الصيغة الأروماتية تخضع لتفاعلات الاستبدال حيث تحل مجموعة أو أكثر محل ذرة هيدروجين أو أكثر في الحلقة وليس كما هو الحال في الأوليفينات والتي تخضع لتفاعلات الإضافة لأن تفاعلات الإضافة إن حدثت على حلقة البنزين تؤدى إلى تخريب الحلقة الأروماتية وبالتالي فقد طاقة التأرجح التي تؤدي إلى استقرار البنزين
- فمثلاً لو فاعلنا جزىء ٣ ــ فينل بروبين، والذي يحتوي على كل من جزىء البنزين وعلى أوليفين البروم أو برمنجنات البوتاسيوم المخففة أو مع الهيدروجين والبلاتين عند درجات حرارة عادية نجد أن الإضافة تحدث فقط على جزىء الأوليفين دون المساس بحلقة البنزين مما يؤكد ثبات حلقة البنزين.